للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقتل أحد صيدًا يُحكم عليه فيه، وما ذاك إلا ما قتلوه قبل نزول (١) الآية.

وأيضًا فإن العفو يقتضي عدم المؤاخذة واللوم، ولو كان العفو عما يقتله في الإسلام لما أوجب عليه الجزاء.

وأيضًا فإن قتل الصيد خطيئة عظيمة، ومثل هذه لا يقع [ق ٣١٨] العفو عنها عمومًا؛ فإن العفو عنها عمومًا يقتضي أن لا تكون ذنبًا. ألا ترى أن السيئات لما كفّرهن الله كان ذلك مشروطًا باجتناب الكبائر، فإن العفو عن الشيء والنهي عنه لا يجتمعان. ووجوب الجزاء بقتل الصيد متعمدًا لا يقتضي رفع المأثم، بل هو فاسق بذلك إلا أن يتوب.

وقوله: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} يوجب توعُّد قاتل الصيد بالانتقام منه، وذلك لا يمنع وجوب الجزاء عليه، كما قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: ٩٣]، ولم يمنع ذلك وجوب الدية والقَوَد. وقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، وقوله في المحاربين: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣]، ولم يمنع ذلك وجوبَ ردّ المسروق إن كان باقيًا، وقيمته إن كان تالفًا، وقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢] لم يمنع ذلك وجوب رجم أو نفي (٢).

وهذا كثير، قد يذكر الله وعيد الذنوب في موضع، ويذكر جزاءها في الدنيا في موضع آخر.


(١) «نزول» ساقطة من المطبوع.
(٢) في المطبوع: «ونفي» خلاف النسختين.