للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة (١): (وكلُّ جلدِ ميتةٍ دُبغَ أو لم يُدبَغ فهو نجس).

هذا أشهر الروايتين، وفي الأخرى: الدِّباغُ مطهِّر في الجملة لما روى ابن عباس قال: "تُصُدِّق على مولاةٍ لميمونة بشاةٍ، فماتت، فمرَّ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هلَّا أخذتم إهابَها، فدبغتموه، فانتفعتم به؟ " فقالوا: إنّها مَيْتة، فقال: "إنَّما حَرُمَ أكلُها".

رواه الجماعة (٢) إلا البخاري والنسائي لم يذكرا فيه الدِّباغ (٣).

وعنه أيضًا قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أيُّما إهابٍ دُبغَ فقد طَهُر" رواه مسلم (٤).

ووجه الأولى ما روى عبد الله بن عُكَيم قال: كتب إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته بشهر: "لا تنتفعوا من الميتة بإهابٍ ولا عَصَبٍ" رواه الخمسة (٥)،


(١) "المستوعب" (١/ ١١٤)، "المغني" (١/ ٨٩ - ٩٧)، "الشرح الكبير" (١/ ١٦١ - ١٧٥)، "الفروع" (١/ ١٠٩ - ١١١).
(٢) أحمد (٢٣٦٩)، والبخاري (١٤٩٢)، ومسلم (٣٦٣)، وأبو داود (٤١٢٠)، والترمذي (١٧٢٧)، والنسائي (٤٢٣٨)، وابن ماجه (٣٦١٠).
(٣) كذا قال هنا متابعةً للمجد في "المنتقى" (٨٣). والحق أن الذي لم يذكر الدباغ هو البخاري كما في "مجموع الفتاوى" (٢١/ ١٠١). أما النسائي فقد ذكره.
(٤) في "الصحيح" (٣٦٦).
(٥) أحمد (١٨٧٨٢)، وأبو داود (٤١٢٧)، والترمذي (١٧٢٩)، والنسائي (٤٢٤٩)، وابن ماجه (٣٦١٣)، من طرق عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم به.
ابن عكيم لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلف عليه وعلى ابن أبي ليلى اختلافًا كثيرًا.
وأعله جماعة من النقاد بالاضطراب في إسناده ومتنه وبالإرسال، وبمخالفة ما هو أصح منه، كابن معين كما في رواية ابن محرز (١/ ١٢٣)، وأبو حاتم وأبو زرعة كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (١٠٣ - ١٠٤)، وأحمد بن حنبل في آخر أمره كما حكاه عنه الترمذي، وغيرهم.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن، وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم"، وصححه ابن حبان (١٢٧٧)، وابن حزم في "المحلى" (١/ ١٢١).
وله شاهد من حديث ابن عمر وجابر - رضي الله عنهما -.
انظر: "شرح مشكل الآثار" (٨/ ٢٨٠ - ٢٨٩)، "البدر المنير" (١/ ٥٨٧ - ٦٠١).