للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو ارتدَّ بعد الأذان ففيه وجهان:

أحدهما: يبطل، قاله القاضي والآمدي وغيرهما، كما تبطل الطهارة بالردَّة (١). وهذا إذا كانت الردَّة بين الأذان والصلاة. فأما إن كانت بعد الصلاة لم يبطل حكم الأذان قولًا واحدًا. وكذلك إن كان بعد الشروع في الصلاة.

والثاني: لا يبطل وإن استمر على ردَّته، وهو أصح. قاله طائفة من أصحابنا، لأنها عبادة قد انقضت، فلم تبطل بالردَّة كسائر العبادات، بخلاف الطهارة فإنَّ حكمها باق. ولأنه لا يُبطِل بعد فراغه شيء من المبطلات، فلم تبطل بالردَّة، كالصلاة وأولى؛ وعكسه الطهارة. وهذا لأن إحباط العمل لا يلزم منه بطلانه، كما تقدَّم في الطهارة.

فصل

يستحبُّ أن يفصل بين الأذان والإقامة للمغرب بجلسة بقدر ركعتين. قال في رواية المرُّوذي: بين الأذانين جلسة في المغرب وحدها، لأن في حديث الأنصاري الذي رأى الأذان: رأيتُ رجلًا كأنَّ عليه ثوبين أخضرين، فقام على المسجد، فأذَّن، ثم قعد قعدةً، ثم قام، فقال مثلها. رواه أحمد وأبو داود (٢).

وفي رواية قال: رأيتُ الذي أذَّن في المنام أذَّن المغرب. وقعد بين


(١) انظر: «الفروع» (٢/ ١٧).
(٢) أحمد (١٥٨٨١) من وجه آخر ليس فيه موضع الشاهد، وأبو داود (٥٠٦).

وصحح إسناده ابن حزم في «المحلى» (٣/ ١٥٨)، وجوَّده ابن رجب في «فتح الباري» (٣/ ٤٠٦).