للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون هو المؤذِّن، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، قال قليلًا: الله أكبر الله أكبر، إلى آخر الأذان. قال أصحابنا: فيستحَبُّ للمؤذن أن يقول سرًّا مثل ما يقول علانية. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتم المؤذِّنَ فقولوا مثل ما يقول» (١) كقوله: «إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين» (٢)، وقوله: «إذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد» (٣).

وهذا لأنه ذكرٌ يقتضي جوابًا، فاستُحِبَّ له أن يجيب نفسَه، كما استُحِبَّ لغيره أن يجيبه كالتأمين والتحميد. ولأنه بذلك يجمع له بين أجرين بذكر الله سرًّا وعلانيةً. ولأنَّ السرَّ ذكرٌ محضٌ، بخلاف العلانية فإنه يُقصَد به الإعلام. ولأنه يُستحبُّ له (٤) أن يفصِل بين كلمات الأذان، فاستُحِبَّ له أن يشغلها بذكر الله سبحانه. والاستحباب في حقِّ غيره أوكد.

وبكلِّ حال، فهو مستحبٌّ، حتَّى لو تركه، أو اشتغل عنه بصلاة أو قراءة، لم يكن عليه شيء. نصَّ عليه. وقال أيضًا: إذا دخل المسجدَ، والمؤذِّن يؤذِّن، استُحِبَّ له أن يقول مثل ما يقول المؤذن. وإن لم يقل وافتتح الصلاة، فلا بأس (٥). وقال الآمدي: يكرَه أن يشرَع في النافلة إذا سمع التأذين.

والمستحَبُّ أن يقول مثل ما يقول المؤذِّن كلمةً كلمةً، فلا يسبقه


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٧٨٢) ومسلم (٤١٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه البخاري (٦٨٩) ومسلم (٤١١) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٤) «له» ساقط من المطبوع.
(٥) انظر: «مسائل الكوسج» (٢/ ٨٠٢) و «المغني» (٢/ ٨٩).