للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأن أكثر الشيء يقوم مقامَ جميعه، فإذا بات أكثرَ الليل بالمزدلفة صار في حكم من بات جميعَها، لما رخَّص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإفاضة منها قبل طلوع الفجر.

فعلى هذا: العبرةُ بنصف الليل المنقضي بطلوع الفجر أو بطلوع ... (١).

والرواية الثانية: لا تجوز الإفاضة قبل مَغيبِ القمر، وإنما يغيب قبل الفجر بمنزلتين من منازل القمر، وهما أقلُّ من ساعتين.

قال في رواية حرب أيضًا: لا يجوز أن يخرج من جَمْعٍ حتى [يغيب] (٢) القمر.

وأكثر نصوصه على هذا؛ لأن الذي في الأحاديث الصحيحة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرخصَ للضَّعفة أن يُفيضوا من جَمْعٍ بليل، ولم يُوقِّته، بل إنما قدَّمهم في وجه السَّحَر.

وكان ابن عمر يُقدِّم ضَعَفة أهلِه، فيقفون (٣) عند المشعر الحرام بالمزدلفة، فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام، وقبل أن يدفع بهم، فمنهم من يَقْدَم منًى لصلاة الفجر، ومنهم من يَقْدَم بعد ذلك، فإذا قَدِمُوا رَمَوا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أَرْخَصَ في أولئك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه (٤).


(١) بياض في النسختين. ولعل مكانه: «الشمس»، وانظر «شرح حديث النزول» للمؤلف (ص ٣٢٣ وما بعدها).
(٢) زيادة مما مضى قبل صفحتين.
(٣) في المطبوع: «فيقومون» خلاف النسختين و «الصحيحين».
(٤) البخاري (١٦٧٦) ومسلم (١٢٩٥).