للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: يجوز أن يكون قوله: «أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ» ذكَرَه على وجه التعريف لهما بذلك، ويكونان قد أفطرا بسببٍ غير الحجامة. فقد قيل: إنهما كانا يغتابان، فقال: أفطرا لذلك السبب، لا لأن الحجامة تفطِّر.

يدلُّ عليه ما رواه محمد بن حمدون بن خالد، ثنا (١) الحسن بن الفضل البوصَرَائي (٢)، ثنا غياث بن كلوب، ثنا مطرّف بن سَمُرة، عن أبيه، قال: مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل بين يدي حجّام ــ وذاك في رمضان وهما يغتابان رجلًا ــ فقال: «أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ» (٣). رواه القُشَيري، عن عبدوس، عنه، وقال: هو صريح (٤) في أن الحجامة لا تفطّر، والغيبة أيضًا. والخبر محمول على الاستحباب أو هو منسوخ.

ويجوز أن يكون قوله: «أفطرا» أي: قارَبا الفطرَ؛ فإنه يُخْشَى على المحتجم أن يضعُف فيفطر كما يفطر المريض، وعلى الحاجم أن يمتصّ من الدم شيئًا فيفطر به، فتكون الحجامة مكروهة لا مفطِّرة. وقد رُوي عن


(١). ق: «بن» خطأ.
(٢). في النسختين: «البصراني» وفي المطبوع: «البصري»، وكلاهما تصحيف، والصواب ما أثبتّ، وهو الحسن بن الفضل بن السمح أبو علي الزعفراني البوصَرَائي، تكلّم فيه ابنُ المنادي وقال ابن حزم: مجهول. ترجمته في «تاريخ بغداد»: (٨/ ٤١٠)، و «لسان الميزان»: (٣/ ١٠٤). والبوصَرَائي: نسبة إلى بوصَرَا قرية من قرى بغداد. ينظر «الأنساب»: (٢/ ٣٦٠).
(٣). وأخرجه البيهقي في «الشعب» (٦٣١٧). وفي إسناده غياث بن كلوب قال الدارقطني في «الضعفاء والمتروكين» (٤٢٨): «له نسخة عن مطرّف بن سمرة بن جندب، لا يعرف إلا به». وقال البيهقي: «غياثٌ هذا مجهول».
(٤). س: «صالح».