للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حال فيستحَبُّ له أن يؤخِّر الصلاة حتى يتيقَّن دخولَ الوقت ما لم يخَف خروجه. ويجوز العمل فيه بغالب الظنِّ إذا لم يمكن العلم. هذا قول أصحابنا.

وقد كان أبو عبد الله [ص ٦٧]- رحمه الله - أحيانًا يصلِّي الفجر في الغَيم، ثم يتبيَّن له أنَّ الفجر لم يطلع، فيعيد (١)، كما جاء مثل ذلك عن الصحابة - رضي الله عنهم -. وقد روى عنه حنبل: لا يصلِّي حتى لا يشكَّ في الزوال في السفر والحضر (٢). وقال في رواية ابن منصور: إذا شكَّ في الزوال وهو في السفر، فلا حتَّى لا يشكَّ ولا يستيقنَ (٣). وهذا فيما إذا لم يمكن اليقين، كما تقدَّم. وإن حُمِل على ظاهره، فله وجه.

فإن أخبره ثقة عن علمٍ بالوقت قلَّده كسائر الأمور الدينية. وكذلك المؤذِّن الثقة إذا أذَّن في الصحو لغير الفجر، أو أذَّن الفجر وكان من عادته أن لا يؤذِّن حتى يطلع الفجر. وهذا قول أكثر أصحابنا.

وقال القاضي في موضع (٤): لا يرجع إلى قول المؤذن ولا غيره حتى يغلب على ظنِّه دخولُ الوقت بمرور الزمان ونحوه، إلَّا الأعمى خاصَّة فإنه يرجع إلى خبر غيره.


(١) انظر: «مسائل ابن هانئ» (١/ ٤٠).
(٢) ومثله في «فتح الباري» لابن رجب (٤/ ٣١٤).
(٣) في المطبوع من «مسائل الكوسج» (٢/ ٤٣٧): «قال: لا، حتى لا يشك ويستيقن. سألته مرة أخرى، فقال: حتى يستيقن. ثم سألته، فقال: حتى يستيقن».
(٤) ولعل المصنف أشار إليه فيما ورد من قوله في «اختيارات ابن اللحام» (ص ٣٤).