للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف أصحابنا في الأفضل، فقال أبو الخطاب (١) وجماعة: الأفضل أن يرمي الجمار كلها ماشيًا؛ لأن في حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى الجمار مشى إليها ذاهبًا وراجعًا. هذا لفظ الترمذي (٢) وقال: حديث حسن صحيح.

وقال القاضي في «المجرد»: يرمي يوم النحر وثالث أيام منى راكبًا، واليومين الآخرين راجلًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى يوم النحر [ق ٣٥٧] راكبًا، ولأن يوم النحر يجيء راكبًا من مزدلفة، فيستحبّ له أن يفتتح منًى بالرمي قبل نزوله، ويوم النفر يخرج من منًى، فيستحبّ أن يودّعها بالرمي، ثم يخرج منها وهو راكب لا يحتاج إلى ركوب بعد ذلك ... (٣).

الحصبة» (٤). متفق عليه.


(١) في «الهداية» (ص ١٩٤). وانظر «المغني» (٥/ ٢٩٣) و «المستوعب» (١/ ٥١١).
(٢) انظر ما سبق.
(٣) بياض في النسختين، وكتب في هامشهما: «سقط هنا قدر ورقة ولم يبيض له». وقد سقط شرح قوله في «العمدة»: (فإن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل الغروب، فإن غربت الشمس وهو بمنى لزمه المبيت بها والرمي من غدٍ. فإن كان متمتعًا أو قارنًا فقد انقضى حجه وعمرته، وإن كان مفرِدًا خرج إلى التنعيم، فأحرم بالعمرة منه، ثم يأتي مكة، فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصّر، فإن لم يكن له شعر استُحبَّ أن يُمِرَّ الموسى على رأسه، وقد تمّ حجه وعمرته). وهذا يقتضي أن هنا سقطًا كبيرًا أكثر من ورقة. والكلام الآتي شرح لما في «العمدة»: (وليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد).
(٤) هذا آخر حديث جابر، وفيه: ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة - رضي الله عنها -، فوجدها تبكي، فقال: «ما شأنك؟» قالت: شأني أني قد حضتُ، وقد حلَّ الناس ولم أحلِلْ، ولم أطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن، فقال: «إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاغتسلي ثم أهِلِّي بالحج». ففعلتْ ووقفت المواقف، حتى إذا طهرتْ طافتْ بالكعبة والصفا والمروة، ثم قال: «قد حللتِ من حجِّكِ وعمرتكِ جميعًا». فقالت: يا رسول الله، إني أجد في نفسي أنّي لم أطُفْ بالبيت حتى حججتُ، قال: «فاذهبْ بها يا عبد الرحمن، فأَعْمِرْها من التنعيم». وذلك ليلة الحصبة. أخرجه مسلم (١٢١٣). وهو متفق عليه من حديث عائشة بنحوه. انظر البخاري (١٥٥٦) ومسلم (١٢١١).