للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القاضي (١): لا خلاف أنه يكره أن يُقرئ (٢) القرآن وهو يصلي أو يطوف، كذلك الاعتكاف.

ولأن العكوف على الشيء هو الإقبال عليه على وجه المواظبة، ولا يحصل ذلك للعاكف إلا بالتبتّل إلى الله سبحانه وترك الاشتغال بشيء آخر.

وأما كون النفع المتعدّي أفضل، فعنه أجْوِبة:

أحدها (٣): أنه لا يلزم من كون الشيء أفضل أن يكون مشروعًا في كلِّ عبادة، بل وَضْع الفاضل في غير موضعه يجعله مفضولًا، وبالعكس.

ولهذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح، وهي مكروهة في الركوع والسجود، ولهذا لا يُشْرَع هذا في الصلاة والطواف، وإن كانا أفضل من الصلاة والطواف النافِلتين.

الثاني: أن كونهما أفضل يقتضي الاشتغال بهما عن الاعتكاف.

قال الآمدي: لا تختلف الروايةُ أن من أراد أن يبتدئ الاعتكاف؛ فتشاغُلُه بإقراء القرآن أفضل من تشاغله بالاعتكاف.

قال أحمد في رواية المرُّوذي وقد سُئل عن رجل يُقرئ في المسجد، ويريد أن يعتكف؟ فقال: إذا فعل هذا كان لنفسه، وإذا قعد كان له ولغيره، يُقرئ أعجبُ إليَّ (٤).


(١) «التعليقة»: (١/ ٤٦).
(٢) في النسختين: «يهدي» والتصحيح من التعليقة.
(٣) ق: «أحدهما».
(٤) نقلها أبو يعلى في «التعليقة الكبيرة»: (١/ ٤٥).