للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع الاقتدار على الاستيقان. وإنما جاز لأنَّ احتمال الخطأ في ذلك نادر جدًّا لا يكاد يقع، فجُعِل كالمعدوم. فإذا تبيَّن خطأ الدليل لزمته الإعادة (١) في الوقت إلى إخبار المخبر الواحد إذا أمكنه العلم، وهذا الباب مثله. فعلى ذلك الوجه لا يرجع إلى إخبار واحدٍ بالجهة مع قدرته على اليقين؛ لكن العلم هنا بالجهة لا يمكن بالعيان لمن لم يسافر إلى مكة ويعلم أين هي من بلده، وإنما يمكن بالسماع المتواتر، وهو مثل العيان. ولذلك جاز الرجوع إلى المحاريب.

فصل

وأمَّا إذا خفيت في السفر، فإنه يجتهد بالاستدلال عليها بالأدلَّة المنصوبة، ولا إعادة عليه، وإن تبيَّن له الخطأ فيما بعد. قال أبو بكر: لا يختلف قول أبي عبد الله - رحمه الله - في ذلك. وكذلك إن صلَّى بتقليدِ من فرضُه ذلك، ثم تبيَّن أنه أخطأ، فلا إعادة عليه.

وذكر الإمام أبو بكر الدِّينوري (٢) صاحب أبي الخطَّاب أن بعض المتأخرين قال: يجب عند الاشتباه أن يصلِّي أربع صلوات إلى الجهات الأربع (٣)، وزعم أنه رواية عن أحمد. قال الدِّينوري: وهو قياس المذهب،


(١) لعل بعده سقطًا في الأصل، وهو: «كمن رجع» أو نحوه.
(٢) أحمد بن محمد بن أحمد الدينوري البغدادي، أحد أئمة المذهب. توفي سنة ٥٣٢. ترجمته في «ذيل طبقات الحنابلة» (١/ ٤٢٨).
(٣) ذكر ابن رجب هذه المسألة من غرائب الدينوري. انظر: «ذيل طبقات الحنابلة» (١/ ٤٣١). وانظر: «الانتصار» لأبي الخطاب (١/ ٤٦٣) و «الإنصاف» (٣/ ٣٣٩).