للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتجانس والاجتماع (١). ولذلك كان على كلِّ ذروة بعير شيطان (٢). والغنم هي من السكينة، والسكينة من أخلاق الملائكة، فلعل الإنسان إذا أكل لحم الإبل أورثته نِفارًا وشِماسًا وحالًا شبيهًا بحال الشيطان. والشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فأمر بالوضوء من لحومها كسرًا لتلك الصورة، وقمعًا لتلك الحال.

وهذا لأن قلب الإنسان وخلقه يتغيَّر بالمطاعم التي يطعمها، ولهذا حرَّم الله الخبائث حتى قيل: إنه حرَّم كلَّ ذي ناب من السباع وكلَّ ذي مخلب من الطير، لما في طباعها من البغي والعدوان، فتورث (٣) بطباع آكلها ما في طباعها. وهذه العلَّة وما يقاربها فيدلُّ (٤) عليه إيماءُ النبي - صلى الله عليه وسلم -.

[١٠٩/أ] وأما دعوى كون الوضوء هو غسل اليد والفم، ففاسد أيضًا لوجوه (٥):

أحدها: الوضوء المطلق في لسان الشرع: هو وضوء الصلاة.

وثانيها: أنه يلزم منه أن يكون الأمر للاستحباب، والأصل في الأمر الوجوب.

وثالثها: أنه ذكره في سياق الصلاة مبيِّنا حكم الوضوء والصلاة في


(١) كذا في الأصل، والظاهر أنه سقط شيء من الكلام. وفي المطبوع: «التجالس»، تصحيف.
(٢) كما ورد في الحديث وسيأتي تخريجه في كتاب الصلاة. وفي الأصل: «ذورة بعير»، تحريف.
(٣) في الأصل والمطبوع: «فيورث».
(٤) كذا في الأصل. وفي المطبوع: «يدلّ».
(٥) وانظر: «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٢٦٤ - ٢٦٥).