للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد خرَّج أصحابنا تخريجًا أن الحلق والتقليم مثل قتل الصيد، فيلحق الجماع بذلك.

وقد يقال: الجماع أولى بذلك من قتل الصيد، لأنه أقرب إلى الاستمتاع الذي هو اللباس والطيب من قتل الصيد، فإنه إتلافٌ محض، وعلى روايةٍ ذكرها بعض أصحابنا (١): أن جماع الناسي لا يبطل الصوم.

ويتخرج أنه يوجب الكفارة ولا يُبطل الإحرام، كإحدى الروايتين فيمن جامع ناسيًا أو جاهلًا، حيث قلنا: يبطل الصوم ولا كفارة فيه، فإن إبطال الصوم نظير إيجاب الكفارة في الإحرام، ووجوب الكفارة هناك نظير فساد الإحرام، لأن كفارة الصوم لا تجب إلا بالجماع (٢)، كما لا يبطل الإحرام إلا بالجماع، بخلاف ما يُفسِد الصيام ويوجب الكفارة في الإحرام فإنه متعدد.

لكن محظورات الإحرام عند أصحابنا أغلظُ من محظورات الصيام لوجهين:

أحدهما: أن الإحرام في نفسه أوكدُ من الصيام من وجوه متعددة، مثل: كونه لا يقع إلا لازمًا، ولا يخرج منه بالفساد، وكونه يحرم فيه جميع المباشرات، وكونه لا يخرج منه بالأعذار.

الثاني: أن الإحرام عليه علامة تدل عليه، من التجرُّد والتلبية وأعمال النسك ورؤية المشاعر ومخالطة الحجيج، فلا يُعذر فيه بالنسيان، بخلاف الصيام فإنه ترك محض.


(١) انظر «المغني» (٤/ ٣٧٤).
(٢) في النسختين: «الإجماع به». والصواب ما أثبت كما يدل عليه السياق.