للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يضمَّن (١) معنى الريّ، فكأنه قال: يروَى بها عبادُ الله (٢).

ثم الأحاديث التي ذكرناها أكثرها يقال فيه: مسح برأسه وأذنيه، فأقبل بهما وأدبر. فيذكر استيعاب [٥٦/أ] المسح مع إدخال الباء.

قالوا: ويقال مسحتُ ببعض رأسي، ومسحتُ بجميع رأسي، ولو كانت للتبعيض لتناقض. وإنما دخلت ــ والله أعلم ــ لأن معناها إلصاق الفعل بالمفعول (٣) به. والمسح: هو إلصاق ماسحٍ بممسوح، ويضمَّن (٤) معنى الإلصاق، فكأنه قيل: ألصقوا برؤوسكم، فيفهم أنّه هناك شيء ملصَق (٥) بالرأس، وهو الماء؛ بخلاف ما لو قيل: امسحوا رؤوسكم، فإنه لا يدل على الماء؛ لأنه يقال: مسحتُ رأس اليتيم، ومسحتُ الحجرَ، وليس هناك شيء يُلصَق بالممسوح غير اليد (٦).

ولربما تُوُهِّم أنّ مجرّد مسح الرأس باليد كافٍ. ولهذا ــ والله أعلم ــ دخلت الباء في آية التيمم لتبيِّن وجوبَ إلصاق التراب بالأيدي والوجوه.

ولا يجب مسح الأذن وإن قلنا بالاستيعاب، في أشهر الروايتين، لأنها


(١) في الأصل: "يضمن"، وقد يكون: "تضمَّن".
(٢) وانظر: "مجموع الفتاوى" (٢١/ ١٢٣).
(٣) "المفعول" ساقط من المطبوع.
(٤) انظر ما علّقنا آنفًا.
(٥) في الأصل: "أنَّ هناك شيء ملصق"، وفي شرح الزركشي (١/ ١٩١) و"المبدع" (١/ ١٠٥): "أنَّه ثَمَّ شيء ملصق"، وكلاهما ينقل من "شرح العمدة". وفي المطبوع: "أن هناك شيئًا ملصق"، أصلح "شيئًا" وترك ما بعده.
(٦) في الأصل والمطبوع: "في غير اليد"، والظاهر أن "في" مقحمة.