للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعتمدون من علماء اللسان (١).

ثم إن قيل: إنها تفيده في كلِّ موضع، فهذا منقوض بآية التيمم، وبقوله: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: ٢٠]، وقرأت بالبقرة في كلِّ ركعة، وتزوّجت بالمرأة، وخشَّنتُ بصدره (٢)، وعلمت بهذا الأمر، وما شاء الله من الكلام.

وإن ادعى أنها تفيده في بعض المواضع، فذلك لا من نفس الباء بل من موضع آخر؛ كما قد يفاد ذلك مع عدم الباء. ثم من أين علم أنَّ هذا الموضع من جملة تلك المواضع؟ على أنه لا يصح في موضع واحد. ولا فرق من هذه الجهة بين قولك: أخذت الزمام، وأخذت به.

وأما قوله: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦]، وقوله:

شربن بماء البحر ....... ... .............................. (٣)

فإنه لم يرد التبعيض، فإنه لا معنى له هنا. وإنما الشربُ ــ والله أعلم ــ


(١) انظر قول ابن جني في "سر صناعة الإعراب" (١/ ١٢٣) وابن برهان في "المغني" (١/ ١٧٦). ولكن ذكر ابن هشام في "مغني اللبيب" (ص ١٤٢) أن معنى التبعيض أثبته الأصمعي والفارسي والقتَبي وابن مالك، قيل: والكوفيون. وانظر: "الصاحبي" (ص ١٠٥).
(٢) في الأصل والمطبوع: "وحبست صدره بصدره". والصواب إن شاء الله ما أثبتنا. وهو من أمثلة كتاب سيبويه (١/ ٧٤، ٩٢). و"صدره" في الأصل مقحم، لأنه يقال: خشّنتُ صدرَه، أو بصدره: أوغرتُه.
(٣) البيت بتمامه:
شربن بماء البحر ثم ترفَّعتْ ... متَى لُجَجٍ خُضْرٍ لهنّ نَئيجُ
وهو لأبي ذؤيب الهذلي، ومن الشواهد المشهورة. انظر: "شرح أشعار الهذليين" (١/ ١٢٩) و"خزانة الأدب" (٧/ ٩٧).