ولا تسقط السُّترة بجهل وجوبها ولا نسيانٍ لها، كما تسقط بالعجز. فلو نسي الاستتار وصلَّى أو جهِل وجوبه، أو أُعتقت الأمة في أثناء الصلاة [ص ١٠٨] ولم تعلَم حتى فرغت= لزمتهم الإعادة. قاله أصحابنا، لأنَّ الزينة من باب المأمور به، فلا تسقط بالجهل والنسيان كطهارة الحدث.
وهذا لأنَّ الناسي والجاهل يجعل وجودَ ما فعله كعدمه، لأنه معفوٌّ عنه. فإذا كان قد فعل محظورًا كان كأنه لم يفعله، فلا إثم عليه، ولا تلحقه أحكام الإثم. وإذا ترك واجبًا ناسيًا أو جاهلًا، فلا إثم عليه بالترك، لكنه لم يفعله، فيبقى في عهدة الأمر حتى يفعله، إذا كان الفعل ممكنًا. وبهذا يظهر الفرق بين الزينة واجتناب النجاسة.
ولأنَّ التزيُّن هو الأمر المعتاد الغالب، فتركُه مع القدرة لا يكون إلا نادرًا، فلم يُفرَد بحكم.
فصل
ويُعفى عن يسير العورة قدرًا أو زمانًا. فلو انكشف منها يسير، وهو ما لا يفحُش في النظر في جميع الصلاة، أو كشفت الريح عورته فأعادها بسرعة، أو انحلَّ مئزُره، فربطه= لم تبطل صلاته. وسواء في ذلك العورة المغلَّظة والمخففة. إلا أنَّ ما يعفى عنه من العورة المخففة أكثرُ مما يعفى عنه من المغلظة؛ لأنه يفحش من هذا في العُرف أكثر مما يفحش من هذا. وقال القاضي وغيره: هما سواء في مقدار العفو.