للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقطعها (١)، أو كان يحتاج الاستتارُ (٢) بها إلى عمل كثير، فإنه يستتر، ويستأنف في ظاهر المذهب، كالمتيمِّم إذا وجد الماءَ، وقلنا: يخرج؛ وكالمستحاضة إذا انقطع دمها انقطاعًا يوجب الوضوء.

وفيه وجه مخرَّج على من سبقه الحدث: أنه يستتر ويبني، كالوجه المخرَّج في المتيمم والمستحاضة.

والصحيح: الفرق بين مَن حدث المُبطِل له في أثناء الصلاة، ومن كان المُبطِل موجودًا معه من أولها، لكن لم يظهر عمله (٣) للعذر، كما تقدَّم. وإنما نظير المتوضئ هنا الأمة إذا أُعتقت في أثناء الصلاة والسترة بعيدة منها، أو كان المصلِّي مستترًا فأطارت الريح سترته، واحتاج ردُّها إلى عمل كثير، فإنَّ هذا كالمتطهِّر الذي سبقه الحدث، لأن ما مضى من الصلاة كان صحيحًا من غير قيام المُبطِل، بخلاف العاري والمستحاضة والمتيمم، فإنَّ المبطل كان مقارنًا لأول الصلاة، وإنما عفي عنه للضرورة، ولا ضرورة إذا زال العذر في أثناء الصلاة. ولهذا قلنا: إن الإمام إذا علِم بحدث نفسه في أثناء الصلاة استأنف المأمومون الصلاة، ولو لم يعلم حتى قضَوا الصلاة لم يُعيدوا.

وإن وجد البعيدُ عن السترة من يناوله إياها من غير عمل بطلت في أحد الوجهين، لانكشاف العورة زمنًا طويلًا بعد وجوب الستر. ولم تبطل في الآخر إذا ناوله إياها من غير تراخٍ، وهو اختيار الآمدي، لأنه لم يوجد منه عملٌ، وقد أتى بالستر على الوجه الممكن؛ لأنَّ وجوب الستر بالقدرة على


(١) في الأصل والمطبوع: «يبطل الصلاة يقطعها».
(٢) في الأصل والمطبوع: «إلى الاستتار». والظاهر أن «إلى» سهو من الناسخ.
(٣) كذا في الأصل، وفي المطبوع: «علمه»، ولعل الصواب: «حكمه».