للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سالكوها، كطريق الأبيات اليسيرة. وبكلِّ حال فيجوز أن يصلَّى في الطرقات: التي يكثر لها الجمع، كالجُمَع والأعياد والجنائز؛ لأنَّ الحاجة تدعو إلى ذلك (١).

الفصل السادس

في عُلو هذه الأمكنة وسطوحها

قال كثير من أصحابنا، منهم القاضي وأكثر أصحابه كالآمدي [ص ١٦٨] وابن عقيل وغيرهم: لا فرق في الحمام والحُشِّ وأعطان الإبل بين سُفْلِها وعُلْوِها، لأنَّ الاسم يتناول الجميع، والحكم معلَّق بالاسم (٢). قال الآمدي وابن عقيل: عُلْوُ المجزرة كسُفْلِها. ولم يذكره القاضي في المواضع المنهيِّ عنها، ولم يعدَّها ولا في المنهيِّ عنه عُلْوَ المزبلة.

ومن أصحابنا طائفة طردوا الحكمَ في عُلْوِ جميع المواضع المنهيِّ عنها على طريقة هؤلاء، لأنهم منعوا من الصلاة في عُلْوِ الأتُّون مع تعليله بأنه مزبلة. قالوا: ويدخل في كلِّ موضع منها ما يدخل فيه مطلقُ البيع والهبة من حقوق، من سفله وعلوه، اعتبارًا بما يقع عليها الاسم عند الاطلاق. ولأنَّ الحكم تعبُّد، فيناط بما يدخل في الاسم.

والفرق بين علو المزبلة وغيرها ــ على ما ذكره الأولون ــ: أنَّ عُلْوَ المزبلة لا يسمَّى مزبلةً، لأنَّ المزبلة: المكانُ المُعَدُّ لوضع الزبالة في الطريق ونحوه. ومعلوم أنَّ عُلْوَ تلك البقعة لا يسمَّى مزبلة، بخلاف الأعطان


(١) انظر: «النكت والفوائد السنية» (١/ ٤٩).
(٢) انظر: «الشرح الكبير» (٣/ ٣٠٨).