للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفقه أو يشتغل بنفسه؟ على روايتين:

إحداهما (١): يشتغل بإقراء القرآن والفقه (٢). وهذا اختيار الآمدي وأبي الخطاب (٣)؛ لأن هذا يتعدَّى نفعُه إلى الناس، وما تعدَّى نفعُه من الأعمال أفضل مما اقتصر نفعُه على صاحبه.

والثانية: لا يُستحبّ له ذلك. وهذا هو المشهور عنه، وعليه جمهور أصحابنا، مثل: أبي بكر والقاضي، وغيرهما.

قال القاضي (٤) والشريف أبو جعفر (٥) وغيرهما: يكره ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اعتكف دخل معتكَفَه، واشتغل بنفسه، ولم يجالس أصحابَه، ولم يحادثهم كما كان يفعل قبل الاعتكاف، ولو كان ذلك أفضل لفَعَلَه، ولأن الاعتكاف هو من جنس الصلاة والطواف، ولهذا قَرَن الله تعالى بينهما في قوله: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: ١٢٥].

ولمَّا كان في الصلاة والطوَّاف شُغْل عن كلام الناس، فكذلك الاعتكاف، وذلك أنها عبادة شُرِع لها المسجد، فلا يُستحبّ الإقراء حين التلبُّس بها كالصلوات (٦) والطواف.


(١) س: «أحدهما».
(٢) «القرآن و» سقطت من المطبوع.
(٣) في «الهداية» (ص ١٦٧).
(٤) في «التعليقة الكبيرة»: (١/ ٤٥ - ٤٦).
(٥) «أبو جعفر» من س، وكان فيها «أبي» فأصلحته.
(٦) س: «كالصلاة».