للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تختلف باختلاف مكانه، ولهذا تختلف عبارة أصحابنا العراقيين والشاميين وغيرهم في نسبة الرياح والشمس والقمر والجَدْي إلى المصلِّي، لأنَّ كلَّ قوم وصفوا دلائل قبلة أرضهم خاصَّة، على سبيل التحديد.

فصل

وأما دلائل الأرض، فقد قال بعض أصحابنا: إنَّ ذلك لا ينضبط انضباطًا عامًّا، لكن من كان في موضع قد علِمَ جهاتِ ما فيه من الجبال والأنهار والأبنية ونحو ذلك أمكنه الاستدلال. فأمَّا بدون ذلك، فإنَّ الجبال والأنهار ليست كلُّها على وجهة واحدة، حتَّى يُحكمَ عليها بحكم عامّ.

وقال كثير من أصحابنا: يستدلّ بالجبال والأنهار الكبار.

أما الجبال، فإنَّ لها [ص ٢١٣] وجوهًا يعرفها سكَّانُها. ولذلك لكلِّ شيء وجهٌ يُعرَف بالمشاهدة. قالوا: ووجوه الجبال جميعها إلى جهة بيت الله سبحانه وتعالى (١).

أما الأنهار، فقالوا: أكثر الأنهار الكبار التي خلقها الله سبحانه وتعالى ولم يحتفرها الناس لأغراضهم تجري من مهبِّ الريح الشمال إلى مهبِّ الريح الجنوب، مثل الفرات ودجلة. قالوا: إلَّا نهرين: أحدهما بالشام يسمَّى «العاصي»، والآخر بخراسان يسمَّى «سيحون» (٢) يُسمَّى كلُّ واحد منهما


(١) «الهداية» (ص ٨٠)، «المستوعب» (١/ ١٧٣).
(٢) في الأصل والمطبوع: «جيحون»، وتصحيحه من «المغني» (٢/ ١٠٦) و «الشرح الكبير» (٣/ ٣٤٤) و «مطالب أولي النهى» (١/ ٣٨٩).