للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلقة؛ ولأنَّ كلماتِ الأذان كلَّها ذكرٌ لله سبحانه، فاستُحِبَّ ذكرُ الله سبحانه عند ذلك. أمَّا الحيعلة، فإنها دعاء للناس إلى الصلاة، وسامع المؤذن لا يدعو أحدًا، فلم يُستحَبَّ أن يتكلَّم بما لا فائدة فيه. لكن لمَّا كان هو من جملة [ص ٨] المدعوين شُرع له أن يقول ما يستعين به على أداء ما دُعِيَ إليه، وهو: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة (١)، وبها يقتدر الإنسان على كلِّ فعل؛ إذ معناها: لا تحوُّلَ من حال إلى حال، ولا قدرةَ على ذلك إلا بالله سبحانه، فإنه خالقُ الأعمال والقوة (٢) عليها. فجمعَتْ جميعَ الحركات والقدرة التي بها تكون الحركات في السماوات والأرض (٣). وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بمعونة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله. والمعنى الأول أجمع وأشبه (٤).

قال بعض أصحابنا: ويقول إذا قال المؤذِّن: «الصلاة خير من النوم»: صدقتَ وبررتَ، أو نحو هذا.

وقد قال أحمد بن ملاعب (٥): سمعتُ أبا عبد الله ما لا أحصيه، وكان


(١) كما في حديث أبي موسى في البخاري (٤٢٠٥) ومسلم (٢٧٠٤).
(٢) في الأصل والمطبوع: «القوى». وفي حاشية الأصل: «كذا». ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) ونحوه في «بغية المرتاد» (ص ٢٦٣) وشرح حديث النزول في «مجموع الفتاوى» (٥/ ٥٧٤).
(٤) وصوَّبه في شرح حديث النزول.
(٥) فيما رواه عنه الخلال. انظر: «طبقات الحنابلة» (١/ ١٩٥). وهو الحافظ أحمد بن ملاعب بن حبَّان المخرِّمي (١٩١ - ٢٧٥) وثَّقه الدارقطني وغيره. ترجمته في «الطبقات» و «سير أعلام النبلاء» (١٣/ ٤٢ - ٤٣).