للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمومًا (١)، وعمل بذلك خلفاؤه الراشدون [ص ١٨٨] وأصحابه، مع أنَّ الأصل في النهي التحريم والفساد= لم يبق للعدول عن ذلك بغير موجِبٍ وجهٌ، لاسيَّما والنهي هنا كان مؤكَّدًا. ولهذا لمَّا عجَنوا دقيقَهم بماء أهل ثمود أمرهم أن يَعلِفوه النواضحَ ولا يَطعموه (٢)، فأيُّ تحريم أبيَن من هذا؟ قوم مجاهدون في سبيل الله في غزوة العسرة (٣) التي غلب عليهم فيها الحاجة، وهي غزوة تبوك التي لم يكن يحصي عددَهم فيها ديوان حافظ، وخرجوا في شدَّة من العيش وقلَّة من المال، ومع هذا يأمرهم أن لا يأكلوا عجينهم الذي أعزُّ أطعمتهم عندهم. فلو كان إلى الإباحة سبيل لكان أولئك القوم أحقَّ الناس بالإباحة. فعُلِم أنَّ النهي عن الدخول والاستقاء كان نهيَ تحريم.

ثم إنه قد قرَن بين الصلاة في الأرض الملعونة والصلاة في المقبرة، ثم جميع الأماكن التي نُهي عن الصلاة فيها إذا صلَّى فيها لم تصح صلاته، فما بالُ هذا المكان يُستثنى من غير موجِب إلا عدم العلم بالسنَّة فيه؟

فصل

قال الآمدي وغيره: تُكرَه الصلاة في الرَّحَى، ولا فرق بين علوها وأسفلها والسطح. هكذا روى جماعة من السلف.

هكذا ذكروا. لعلَّ هذا لما فيها من الصوت الذي يُلهي المصلِّي ويشغَله. ولذلك كُرِه رفعُ الصوت في المسجد. وكانوا يكرهون رفع الصوت في الذكر.


(١) في الأصل والمطبوع: «خصوصًا»، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٢) انظر حديث ابن عمر في «صحيح البخاري» (٣٣٧٩) و «صحيح مسلم» (٢٩٨١).
(٣) في الأصل: «عسرة العسرة»، ولعله سبق قلم.