للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما حديث ابن عمر فمعناه ــ والله أعلم ــ أنها في جميع الرمضانات (١) لا تختص ببعض الرمضانات الموجودة على عهد الأنبياء عليهم السلام، فإن ابن عمر قد صحَّ عنه أنه أخْبَر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتماسها في العشر الأواخر.

وذلك أن بعض الناس توهَّم أنها رُفِعَت لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «فتلاحَى فلانٌ وفُلان فرُفِعَتْ» وإنما رُفع عِلْمُها ومعرفتُها في ذلك العام؛ لأنه خرج ليخبرهم بها، فأُنْسِيَها. ومن هذا الباب رفع القرآن ونحوه.

ويدلُّ على ذلك قوله: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢١٦]، وقوله: «وعسى أن يكون خيرًا» (٢).

وارتفاعُ بركة ليلة القدر لا خيرَ فيه للأمة، بخلاف نسيانها، فإنه قد يكون فيه خير للاجتهاد في العشر كلِّه.

وقوله بعد ذلك: «فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة» ولولا أنها موجودة بعد هذا الرفع لم تُلْتَمَس.

فقد روى عبد الرزاق (٣)، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ليلة القدر، فقيل له: قد كانت [مع النبيين] (٤) ثم رُفِعت حين


(١) س: «الرمضان».
(٢) العبارة في ق: «وعسى أن تكرهوا شيئًا يكون خيرا»، وفي س كتبت الآية إلى قوله: «وهو شر لكم» وكتب فوقها «لا ... إلى». ولعلها ما أثبت. والحديث سبق تخريجه.
(٣) المصنف (٤/ ٢٥٥). ويزيد تابعي ثقة، فالحديث مرسل.
(٤) في النسختين: «ترتفع»، خطأ، وكتب فوقها في س إشارة قريبة من إشارة اللحق. والمثبت من المصدر.