للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما [ق ٣٣١] رُقِيُّه على الصفا فلأن في حديث جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رَقِيَ عليه حتى رأى البيت، واستقبل القبلة». ولهذا قال أصحابنا (١): إنه يرقَى على الصفا حتى يرى البيت ويستقبل القبلة، إلا أن هذا كان لما كانت الأبنية منخفضةً عن الكعبة. فأما الآن فإنهم قد رفعوا جدار المسجد، وزادوا فيه ما بينه وبين الصفا، حتى صار المسعى يلي جدار المسجد، وكان قبل ذلك بين المسجد والمسعى بناءٌ للناس، فاليوم لا يرى أحدٌ البيتَ من فوق الصفا، ولا من فوق المروة، نعم قد يراه من باب المسجد إذا خفض.

فالسنة أن يكون على الصفا بحيث يتمكَّن من رؤية البيت لو كان البناء على ما كان.

وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلَا عليه حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه (٢) فجعل يحمد الله، ويدعو ما شاء أن يدعو. رواه مسلم وأبو داود (٣).

ويُستحبُّ أن يرفع يديه، ويُسَنُّ أن يستقبل البيت في حال وقوفه على الصفا وعلى المروة، وكذلك في حال وقوفه بعرفة وبمزدلفة وبمنًى وبين الجمرتين؛ لأن في حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فاستقبل القبلة».

وعن عروة قال: من السنة أن يصعد على (٤) الصفا والمروة، حتى يبدوَ


(١) انظر المصادر المذكورة.
(٢) في النسختين: «يد». والتصويب من مصادر التخريج.
(٣) مسلم (١٧٨٠/ ٨٤) وأبو داود (١٨٧٢). وكان ذلك في فتح مكة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ حلالٌ غيرُ محرمٍ بعمرة.
(٤) «على» ساقطة من المطبوع.