للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ساق الهديَ فلا يحلُّ إلى يوم النحر»، فعُلِم أن الإحلال والنحر لا يكون إلى (١) يوم النحر، فعُلِم أنه لا يجوز الإحلال حتى يحلَّ نحْرُ الهدي، ولا يحلُّ نحْرُ الهدي إلى يوم النحر كما بيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وذلك لأن نحر الهدي من أسباب التحلُّل، وتقليده له وسَوْقه بمنزلة الإحرام للرجل، ونَحْره بمنزلة الإحلال للرجل؛ ولهذا قال تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣]، {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: ٢٥]، {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}. والمَحِلُّ: مشتقّ من الحلّ، وذاك بإزاء الحرم، فعُلِم أنه ذو حرمٍ، وإنما ينقضي الإحرام يوم النحر لأن المتمتع إنما يتمُّ نسكه بالحج.

والرواية الثانية: أن سائق الهدي يحلُّ ليقصِّر من شعر رأسه إن شاء، فأما غير ذلك من محظورات الإحرام فلا. قال في رواية أبي طالب (٢) في الذي يعتمر قارنًا أو متمتعًا ومعه الهدي: قصِّرْ من شعرك، ولا تمسَّ شاربك ولا أظفارك ولا لحيتك، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن شاء لم يفعلْ، وإن شاء أخذ من شعر رأسه وهو حرام.

فقد بيَّن أنه يحلُّ من التقصير فقط، ولا يحلُّ من جميع المحظورات، كما يحلُّ الحاجُّ إذا رمى من بعض المحظورات؛ وذلك لما روى ابن عباس عن معاوية بن أبي سفيان قال: قصَّرتُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمِشْقَصٍ. رواه البخاري (٣)، ورواه مسلم وأبو داود والنسائي (٤) عن ابن عباس قال: قال لي


(١) في هامش ق: «لعله إلا». والمثبت صواب.
(٢) كما في «التعليقة» (١/ ٣١١).
(٣) رقم (١٧٣٠).
(٤) مسلم (١٢٤٦) وأبو داود (١٨٠٢) والنسائي (٢٩٨٧).