للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا كلُّه يبيِّن أنه إذا صار الظلُّ مثل الشخص (١) خرج وقت الظهر، ودخل وقت العصر. وإنما يعتبر مساواة الظل لشخصه بعد فيئه حين الزوال، لأنَّ الظل حين الزوال قد يكون مثل الشخص أو أطول، لا سيَّما في البلاد الشمالية في زمن الشتاء. فلو اعتبر أن يكون الظل مثل الشخص مطلقًا لَتداخلَ الوقتان أو استحال ذلك. وإنما أطلق في الأحاديث لأنه قصَد أن يبيِّن أنَّ وقت الظهر يزداد (٢) الظل عن مثل شخصه، ولأنَّ الظلَّ وقت الزوال يكون مستقيمًا، فإذا انحرف بقدر الشخص فهو آخر وقت الظهر؛ ولأنه في الصيف في أرض الحجاز يكون الظلُّ وقتَ الزوال شيئًا يسيرًا لا عبرةَ به، فمجرَّدُ كون الظلِّ مثل الشخص يكفي في التقريب. ولهذا قال في الحديث: «لما كان الفيءُ مثلَ الشِّراك».

مسألة (٣): (ووقت العصر ــ وهي الوسطى ــ من آخر وقت الظهر إلى أن تصفرَّ الشمس. ثم يذهب وقتُ الاختيار، ويبقى وقتُ الضرورة إلى غروب الشمس).

في هذا الكلام ثلاثة فصول:

أحدها: أنَّ العصر هي الصلاة الوسطى المعنيَّة في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]، وهذا ممَّا لا


(١) غيَّره في المطبوع إلى «الشاخص» خمس مرَّات دون تنبيه: مرة من قبل، وهنا وفيما يأتي إلى آخر المسألة أربع مرَّات.
(٢) أثبت في المطبوع: «بزيادة» دون تنبيه.
(٣) «المستوعب» (١/ ١٤٥)، «المغني» (٢/ ١٤ - ٢٤)، «الشرح الكبير» (٣/ ١٤١ - ١٥٢)، «الفروع» (١/ ٤٢٨ - ٤٣٠).