للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدبغنا مَسْكهَا، ثم ما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنًّا. رواه البخاري (١). وهذا إنما يكون في أكثر من شهر.

وعن سلَمة بن المحبِّق أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فأتى على بيت، فرأى (٢) فيه قِربة معلّقة، فسأل الشراب، فقيل: إنها ميتة، فقال: "ذكاتها دِباغها" (٣).

وهذا قبل وفاته بأكثر من سنة. فلو كان رخصة أخرى بعد النهي لزم النسخ مرتين.

وقيل: الإهاب اسم للجلد قبل الدِّباغ (٤)، لكن (٥) هذا لم يعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه رخصة، ولا عادة الناس الانتفاع به.

فصل

وإذا قلنا بتطهير الدِّباغ فهل يكون كالحياة أو كالذكاة؟ على وجهين: أحدهما: أنه كالحياة لأنه يحفظ الصحة على الجلد، ويُصلحه للانتفاع


(١) في "الصحيح" (٦٦٨٦).
(٢) في الأصل: "فرا"، فقرأ في المطبوع: "فراء".
(٣) أخرجه أحمد (١٥٩٠٩)، وأبو داود (٤١٢٥) بلفظ: "دباغها طهورها"، والنسائي (٤٢٤٣)، من طرق بألفاظ متقاربة عن جَوْن بن قتادة، عن سلمة بن المُحَبِّق - رضي الله عنه - به. وصححه ابن حبان (٤٥٢٢)، والحاكم (٤/ ١٤١)، وأعله أحمد بجهالة جَوْن، قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/ ٤٩): "إسناده صحيح ... وقد عرفه غيره، عرفه علي بن المديني، وروى عنه الحسن وقتادة".
وفي الباب حديث ابن عباس مرفوعًا عند مسلم (٣٦٦) بلفظ: "دباغه طهوره".
(٤) اقتصر عليه في "جمهرة اللغة" (٢/ ١٠٢٩) و"الصحاح" (أهب). وقد نقله أبو داود في السنن (٤١٢٨) عن النضر بن شميل. وفي "القاموس": "الجلد، أو ما لم يدبغ".
(٥) في الأصل والمطبوع: "لأن"، والصواب ما أثبت.