للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن الكراهة بعد موت جعفر ... (١).

ثم مِن أصحابنا مَن سلك فيها مسلكَ التعبُّد الصّرْف، ورأى خروجَها عن مسالك القياس، وجعَلَها موضعَ استحسان، فقدّم (٢) فيه النصَّ على القياس. هذه طريقة ابن عقيل.

ومنهم مَن سلك فيها ضربًا من التعليل؛ فقال القاضي: استدعاء شيء من بدنه نُهي عنه نهيًا يختصّ الصومَ (٣) فأفسدَ الصومَ، كاستدعاء القيء. وهو أن الاحتجام (٤) استخراجُ ما به قِوام البدن، فجاز أن يُفْطِر به كاستخراج القيء والمنيّ والمذي ودم الحيض.

وهذا لأن الصائم لما مُنع من الأكل والشرب ليحصّل حكمةَ الصوم التي هي التقوى، كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣]، وللنفس على الإنسان حقّ لا بُدّ من رعايته= راعَى الشرعُ جانبَ حقّ النفس وحفظ القوة، حسمًا لمادة الغلوّ في الدين والمروق منه، وتحصيلًا لمصلحة الاغتذاء التي لا بُدّ منها أيضًا؛ فنهى - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال (٥)، وأمر بتعجيل الفطر (٦)، وتأخير السّحور،


(١). بياض في س.
(٢). س: «قدم».
(٣). المطبوع: «بالصوم».
(٤). «هو أن الاحتجام» سقطت من س.
(٥). أخرجه البخاري (١٩٦٥)، ومسلم (١١٠٣).
(٦). س: «الفطور». والحديث أخرجه البخاري (١٩٥٧)، ومسلم (١٠٩٨).