للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفس الركن الشامي. والعلمُ بهذا ونحوه من مسامتات الأرض بعضها بعضًا، تحريرُه لأهل الحساب.

والمقدمة الثانية: العلم بجهة المشرق والمغرب، وهذا ظاهر [ص ٢٠٩] وأما العين فأن تعلم أنَّ القطب يحاذي الركن الشامي ويواجهه، وحينئذ تعلم أنَّ الشامي إذا جعل القطبَ بين أذنه اليسرى ونُقرة القفا فقد استقبل ما بين الركن الشامي والميزاب (١)، وأنَّ العراقي إذا جعل القطب بين أذنه اليمنى ونُقْرة القفا فقد استقبل قبلته.

فأمَّا دلائل السماء، فمنها: الشمس، إذ هي أظهر، والاستدلال بها أيسر؛ فإنها تطلع من المشرق، وتغرب في المغرب. فمن كانت قبلته الركن الذي يلي الحَجَر من ناحية المشرق، ويسمَّى «الركن الشامي»، والركن الآخر الذي يلي الحَجَر «الركن الغربي»، ويسمَّيان جميعًا الركنين الشاميين. وقد يسمَّى الأول «الركن العراقي»، والثاني «الركن الشامي»، وركن الحجر الأسود «الركن البصري». وأما الركن الرابع فإنه يسمَّى «اليماني» بلا اختلاف في العبارة، ويسمَّى هو وركن الحجر الأسود الركنين اليمانيين. فمن كانت قبلته هذا الركن الذي يسمَّى العراقي والشامي وما يليه من ناحية الباب وما يليه من ناحية الحجر، من أهل المدينة والشام والجزيرة والعراق وخراسان وما وراء هذه البلاد، إذا جعلوا المغربَ عن أيمانهم والمشرقَ عن شمائلهم فقد استقبلوا جهة القبلة. وفي ذلك جاءت الآثار المتقدِّمة.

قال أبو عبد الله - رحمه الله - (٢): بين المشرق والمغرب قبلة. ولا يبالي


(١) في الأصل: «الباب»، وتصحيحه من حاشية الأصل.
(٢) في رواية جعفر بن محمد، كما في «فتح الباري» لابن رجب (٣/ ٦٤).