للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن فرَّق على المنصوص قال: النهيُ إنما جاء أن يصلِّي في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء، أو على عاتقيه، فمتى ستر أحدهما فقد صار على عاتقه منه شيء، وجاز أن يقال: على عاتقيه منه شيء، وإن كان على أحدهما. كما قال تعالى: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: ١٦]، وهو في إحداهن، وقال سبحانه: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٢٢]، وإنما يخرج من الملح وحده (١).

فصل

والواجب: سترُ المنكب عند القاضي وغيره من أصحابنا، لأمره بالتوشُّح والتعاطف والارتداء، فإنَّ ذلك يقتضي الستر.

وقال كثير منهم: إذا ترك على منكبيه شيئًا، ولو خيطًا أو حبلًا، أجزأ، لقوله: «ليس على عاتقه منه شيء». وقال إبراهيم النخعي: كان أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يجد أحدهم ثوبًا يصلِّي فيه وضع على عاتقيه عِقالًا ثم صلَّى (٢). وقال أيضًا: السيف بمنزلة الرداء (٣)، كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلون في سيوفهم. رواهما سعيد في سننه.

وقال بعضهم: إن وضع على عاتقه شيئًا من اللباس الذي يصلح للستر أجزأه، ولو كان يصف البشرة، أو كان لا يستوعب العاتق. فأمَّا ما لا يُقصَد


(١) كذا قيل قديمًا. والثابت علميًّا أن اللؤلؤ يخرج من الاثنين. انظر: دائرة المعارف البريطانية، مقال «اللؤلؤ» (PEARL).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٤٠٧)، وابن أبي شيبة (٣٥٣١).
(٣) أخرجه عبد الرزاق (١٤٠٥)، وابن أبي شيبة (٦٣١٢).