للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالغيوم، وهو في صحراء من الأرض، قد عميت عليه سُبلُ الأدلَّة، وانحسمت مسالك الاجتهاد، فمن المحال أن يؤمر باستقبال جهة الكعبة.

ولأنَّ الطهارة أبلغ من الاستقبال، ولو اجتهد في طلب الماء ثم تبيَّن أنه كان مدفونًا تحت الأرض التي هو عليها [ص ٢٠٨] لم تجب عليه الإعادة، حيث لم يقصِّر في الطلب؛ فالمجتهد في القبلة أولى. ولهذا حيث أوجبنا الإعادة على من أخلَّ ببعض الشرائط ناسيًا أو جاهلًا، أوجبناها لأنه في مظنَّة التقصير.

فصل

وأمَّا دلائل القبلة، فقد جرَّد الناس التصنيف فيها من أهل الفقه والحساب، فإنها تختلف باختلاف البلاد. فأهلُ كلِّ ناحية يخالفُ (١) وجهُ استدلالهم وجهَ استدلال الناحية الأخرى. والاشتباه له سببان:

أحدهما: أن لا يعرفَ (٢) الجهات لغيم السماء ونحو ذلك، ولو علِم الجهات لعَلِم أين مكة منه، لعلمه بأنها يمانيّ بلده أو شاميّ بلده ونحو ذلك. وهذا هو الاشتباه الذي يعرض كثيرًا، فمتى قدَر هذا على معرفة جهة القبلة فقط (٣)، أجزأته صلاته وإن قلنا: إنَّ الفرض تحرِّي عينها مع القدرة؛ لأنه عاجز عن ذلك في هذه الحالة.


(١) في الأصل: «تخالف».
(٢) في الأصل والمطبوع: «تعرف».
(٣) في المطبوع: «فقد» خلافًا للأصل.