للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما ما هو مضرٌّ في الجملة لكن ليس من شأنه أن يبتدئ الناسَ بالأذى في مساكنهم ومواضعهم، وإنما إذا اجتمع بالناس في موضع واحد أو أتاه الناس آذاهم، مثل كل ذي نابٍ من السباع وكل ذي مِخْلبٍ من الطير، مثل الأسد، والنمر، والذئب، والدُّب، والفهد، والبازي، والصقر، والشاهين، والباشق= فهذا كالقسم الأول والمشهور عند أصحابنا المتأخرين مثل القاضي ومن بعده (١). وقد نص في رواية أبي الحارث (٢) على أنه يقتل السبع، عدا عليه أو لم يعدُ، وكذلك ذكر أبو بكر وغيره.

قالوا (٣): لأن الله إنما حرّم قتل الصيد، والصيد اسم للمباح كما تقدم؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباح قتل السَّبُع العادي، والعادي صفة للسَّبُع سواء وجد منه العدوان أو لم يوجد. كما قال: الكلب العَقُور، وكما يقال: السيف قاطع، والخبز مُشبِع، والماء مُرْوِي (٤)؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن فرقٌ بين السبع وبين الصيد، فإن الصيد إذا عدا عليه فإنه يقتله.

قالوا (٥): ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر من كل جنس أدناه ضررًا لينبِّه بإباحة قتله


(١) انظر «التعليقة» (٢/ ٣٩٦) و «المغني» (٥/ ١٧٦) و «المستوعب» (١/ ٤٧١، ٤٧٢).
(٢) سبق ذكرها.
(٣) انظر «التعليقة» (٢/ ٣٩٧، ٣٩٨).
(٤) كذا في النسختين بإثبات الياء.
(٥) انظر «التعليقة» (٢/ ٣٩٩).