للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصوم، ثم ما كان واجبًا كان الإتمامُ فيه إلى الليل واجبًا، وما كان مستحبًّا كان مستحبًّا، وما كان مكروهًا كان مكروهًا، وما كان محرَّمًا كان محرَّمًا؛ كقوله تعالى (١): {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩]، وهو أمرٌ بأن يكون حكمه بما أنزل الله لا (٢) أمرٌ بنفس الحكم، بخلاف آية الحج والعمرة، فإنه أمرٌ بإتمامهما، فيكون نفس الإتمام مأمورًا به، وهنا الإتمام إلى الليل هو المأمور به، وفرقٌ بين أن يكون الأمر بنفس الفعل أو بصفة في الفعل، فإنه لو قال: صلّ بوضوء، أو: صلِّ مستقبلَ القبلة، ونحو ذلك، كان أمرًا بفعل هذا الشرط في الصلاة لا أمرًا بنفس الصلاة.

والفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما (٣) من وجوه:

أحدها: أن الحجَّ والعمرة يمضي في فاسدهما ولا يخرج منهما بالإفساد ولا بقطع النية (٤)، وغيرهما ليس كذلك.

فإن قيل: الصوم القضاء والمنذور والكفارة والصلاة في أول الوقت يخرج منها بالفساد مع وجوب إتمامها.

قيل: الصوم المتعيِّن مثل شهر رمضان، والنذر المعيَّن إذا أفطر لزمه المضيُّ في فاسده، وأما غيره فإنه حين إفساده يمكن إنشاؤه صحيحًا، فلم يكن حاجة إلى المضيِّ في فاسده.


(١) ق «لقوله».
(٢) س: «هو أمر .. بما أنزل لا».
(٣) «وغيرهما» من س.
(٤) س: «بالفساد ... » وسقطت لفظة «النية» منها.