للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها. وأما منتهى الرفع، فإن شاء إلى حذو منكبيه, وإن شاء إلى فروع أذنيه, كلاهما جائز غير مكروه من غير خلاف في المذهب. وهل أحدهما أفضل من الآخر؟ على ثلاث روايات:

إحداهن: أن الرفع إلى حذو المنكبين أفضل، لما روى ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا بحذو منكبيه, ثم يكبِّر. فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك, وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك, وقال: «سمع الله لمن حمده، ربَّنا ولك [ص ٢٥٠] الحمد» متفق عليه (١).

وعن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - أنه قال في عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنا أعلمكم بصلاته. كان إذا قام في الصلاة اعتدل قائمًا، ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه. قالوا: صدقت. رواه أبو داود والترمذي وصححه (٢).

وفي حديث علي (٣) وأبي هريرة (٤) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رفع يديه إلى حذو


(١) البخاري (٧٣٥) ومسلم (٣٩٠).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه أحمد (٧١٧)، وأبو داود (٧٤٤)، والترمذي (٣٤٢٣)، وابن ماجه (٨٦٤).
قال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه ابن خزيمة (٥٨٤).
(٤) أخرجه أبو داود (٧٣٨)، من طريق يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي هريرة به.
في إسناده مقال، فقد اختلف فيه على الزهري اختلافًا كثيرًا، وعامة الرواة على ذكر التكبير دون الرفع، خالفهم يحيى بن أيوب فزاد رفع اليدين، وبذلك أعل الحديث أبو حاتم والدارقطني، وصححه ابن خزيمة (٦٩٤)، والنووي في «الخلاصة» (١/ ٣٥٢).
وأخرجه ابن ماجه (٨٦٠)، من طريق إسماعيل بن عياش، عن صالح بن كيسان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة بنحوه.
قال ابن رجب في «فتح الباري» (٤/ ٣٢٧): «إسماعيل بن عياش سيئ الحفظ لحديث الحجازيين، وقد خالفه ابن إسحاق، فرواه عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة موقوفًا، قاله الإمام أحمد وغيره».
انظر: «العلل» للدارقطني (١٠/ ٢٨٨ - ٢٩٠)، «ضعيف أبي داود: الكتاب الأم» (١٢٤).