للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرها؛ لأنه ترفَّه بسقوط أحد السفرين؛ ولهذا وجب الدم عليهما، فيُحْمل قول من روى أنه تمتَّع على تمتُّع القران، فإن كل قارنٍ متمتعٌ.

وأما المتمتع بالعمرة إلى الحج إذا لم يَحِلَّ من إحرام العمرة حتى أهلّ بالحج، فإن من أصحابنا من يقول: هذا قارنٌ؛ لأنه جمع بين النُّسكين بإحلال وإحرام، لكن طاف للعمرة أولًا وسعى، ثم أحرم بالحج. وأكثر أصحابنا يجعلون هذا متمتعًا، وهو المنصوص عن أحمد، فيجوز أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا بهذا الاعتبار. ولو سُمِّي المتمتع قارنًا لأنه جمع بين النسكين في أشهر الحج، لكن المتمتع يطوف أولًا ويسعى لعمرته، والقارن يطوف أولًا لعمرته وحجته، ثم يطوف ويسعى.

والرواية الثانية: ... (١).

فإن قيل (٢): أما ما ذكرتم من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالإحلال والمتعة فهذا حق، لكن هذا هو فسخُ الحج إلى العمرة، وهذا الفسخ كان خاصًّا لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإذا كان الفسخ خاصًّا لهم، والمتعة إنما حصلت بالفسخ، فتكون تلك المتعة المستحبة في حقهم خاصةً لهم، فلا يتعدَّى حكمُها إلى غيرهم.

والدليل على أن الفسخ خاصٌّ لهم أن الله أمر في كتابه بإتمام الحج والعمرة بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]، ومن فسخَ الحجَّ إلى العمرة فلم (٣) يُتِمَّه، وهذا معنى ما ذكره عمر - رضي الله عنه - حيث قال: «إن


(١) بياض في النسختين.
(٢) سيأتي جواب الشرط بعد ثمان صفحات (ص ٣٣٣).
(٣) في المطبوع: «لم».