للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر ذلك؛ كما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد كان يجهر بالآية أحيانًا في صلاة السر (١).

ولا فرق في ذلك بين المؤذِّن وغيره, وبين من يقصد من المأمومين تبليغ غيره بصوته أو لا يقصد, فإنَّ التبليغ على الإمام, ولهذا استحببنا له رفع الصوت, وليس على المأموم تبليغ. والأحاديث تدلُّ على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هو الذي يبلِّغ المأمومين التكبير, ولم يكن خلفه أحد يبلِّغهم؛ فإنَّ مثل هذا لو كان لَنُقِل. ولما أراد الصحابة أن ينقلوا الجهر بالتكبير أخبروا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر. ولو كان خلفه مؤذِّن أو غيره يجهر بذلك لنقلوا ذلك, واستدلُّوا به على ذلك. ولم ينقلوا ذلك إلا في مرض موته - صلى الله عليه وسلم -.

فإذا كان صوت الإمام لا يبلغ جميعَ المصلِّين، إما لضعفه عن الجهر المبلِّغ (٢) بمرض أو كبر, أو لكثرة الجمع وتباعد أقطار المصلين, فيُستحب أن يجهر بعض المأمومين بالتكبير والتحميد والتسليم قدر ما يسمعه سائرهم؛ لما روى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلَّينا وراءه وهو قاعد, وأبو بكر يُسمِع الناس تكبيره. وفي لفظ [ص ٢٤٥]: صلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر خلفه, فإذا كبَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -,كبَّر أبو بكر، فيسمعنا. رواهما مسلم والنسائي (٣).

وينبغي أن يبيِّن التكبيرَ ويجزمَه, ولا يطوِّله, ولا يمدَّ في غير موضع المدِّ. قال أبو عبد الله: ربما طوَّل الإمام في التكبير إذا لم يكن له فقه, والذي


(١) كما في حديث أبي قتادة. أخرجه البخاري (٧٦٢) ومسلم (٤٥١).
(٢) في المطبوع: «المبالغ»، والصواب ما أثبت من الأصل.
(٣) مسلم (٤١٣)، والنسائي (٧٩٨، ١٢٠٠).