للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يُخبره أن عليه دمًا، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولا يصح أن يقال: فلعله دخل فيها قبل الفجر ... (١).

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن من أدرك الصلاة والموقفَ بجَمْعٍ، ووقف قبل ذلك بعرفات، فقد تمَّ حجه، ولم يذكر دمًا ولا غيره، ولم يشترط إدراك مزدلفة قبل الفجر، بل نصَّ على الاكتفاء بإدراك الوقوف مع الناس.

وفي لفظ: «من أدرك إفاضتَنا هذه» (٢). والإفاضة قبيلَ طلوع الشمس، فأين يُذهَب عن هذا (٣) البيان الواضح من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولأن من أدرك عرفة [ق ٣٧٠] قبيلَ الفجر فمحال أن يُدرِك المزدلفة تلك الليلة، فلو كان هذا المدرك لعرفة قد فاتته المزدلفة وعليه دم لم يصحَّ أن يقال: من أدرك عرفة أدرك الحج مطلقًا، فإنه قد فاته بعض الواجبات، بل أعظم الواجبات؛ ولذلك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون بعده صرَّحوا بأن من طلع عليه الفجر بعرفة فقد أدرك الحج، من غير ذكرٍ لدمٍ ولا تفويتِ الوقوفِ بالمزدلفة.

وأيضًا فإيجاب النُّسك باسم المبيت بمزدلفة لم ينطِقْ [به] كتاب ولا سنة ولا ذكره الصحابة والتابعون، بل الذي في كتاب الله قوله: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}، وهذا يقتضي التعقيب؛ لقوله: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}.


(١) بياض في النسختين.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) «هذا» ساقطة من المطبوع.