للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأول أصح، لما تقدَّم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العصر ما لم تصفرَّ الشمسُ» من رواية عبد الله بن عمرو وغيره، ولما روى أبو موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أتاه سائل سأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرُدَّ عليه شيئًا. وأمر بلالًا، فأقام الفجر حين انشقَّ الفجرُ، والناس لا يكاد يعرف بعضُهم بعضًا. ثم أمره، فأقام الظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: انتصف النهار أو لم ينتصف, وكان أعلم منهم. ثم أمره، فأقام العصر، والشمس مرتفعة. ثم أمره، فأقام المغربَ حين وقعت الشمس. ثم أمره، فأقام العشاء حين غاب الشفق. ثم أخَّر الفجرَ من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: طلعت الشمس أو كادت. وأخَّر الظهرَ حتى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس. ثم أخَّر العصرَ، فانصرف منها، والقائل يقول: احمرَّتِ الشمسُ. ثم أخَّر المغربَ حتى كان عند سقوط الشفق. [ص ٢٧] وأخَّر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول. ثم أصبح، فدعا السائلَ، فقال: «الوقت فيما بين هذين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (١).

وهذه الأحاديث أولى من حديث جبريل عليه السلام لوجوه:

أحدها: أنَّ فيها زيادة منطوقة، فتُقدَّم على ما ليس فيه تلك الزيادة، وإنما تنفيها بطريق المفهوم.

الثاني: أنها متأخرة؛ لأنها كانت بالمدينة، فإن السائل الذي سأله إنما كان بالمدينة وبلال يؤذِّن له. بل رواتها أبو موسى وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة وبريدة بن الحصيب، وكلُّ هؤلاء لم يصحبوه إلا بالمدينة. وأبو موسى وأبو هريرة إنَّما صحِبَاه بعد خيبر. وحديث جبريل كان قبل


(١) أحمد (١٩٧٣٣)، ومسلم (٦١٤)، وأبو داود (٣٩٥)، والنسائي (٥٢٣).