للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كان له امرأتان أحدهما (١) صائمة، والأخرى حائض، فهل وطء الصائمة أولى أو يتخيَّر بينهما؟ على وجهين».

قال أصحابنا: لسنا نريد بالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة من بلغ حدًّا إن ترك الأكلَ هَلَك، وإنما نريد به من يلحقه مشقّة شديدة في الصيام، وإنما يسقط عن هؤلاء الصيامُ؛ لأن الله لا يكلِّف نفسًا إلا وُسعها، وقد قال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (٢).

ووجبت الكفّارة لِمَا روى عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل قال: «أنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... } إلى هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٣ - ١٨٤]، قال: فكان مَن شاء صام، ومَن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، فأجزأ (٣) ذلك عنه. قال: ثم إن الله عز وجل أنزل الآية الأخرى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥]. قال: فأثبت الله صيامَه على المقيم الصحيح، ورخّص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام». مختصر من حديث طويل رواه أبو داود (٤).


(١) كذا في النسختين والوجه: «إحداهما».
(٢) أخرجه البخاري (٧٢٨٨).
(٣) المطبوع: «أجزأ».
(٤) (٥٠٧). وأخرجه أحمد (٢٢١٢٤)، و الحاكم: (٢/ ٣٠١) من طريق المسعودي، عن عَمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ به. وقال: صحيح الإسناد، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود - الأم»: (٢/ ٤٢٦). وأعلّه ابنُ خزيمة (٣٨٣) باضطراب أسانيده، وأعله هو والدارقطني والبيهقي بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ. وقد رواه الأعمش وشعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد .. ، فالظاهر أنه الصواب. وينظر «علل الدارقطني»: (٦/ ٥٩)، و «البدر المنير»: (٣/ ٣٤٠).