للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسافر وغيرهما، ولأن من أبيح له الفطر لحاجته إلى الأكل، وهو الشيخ الكبير والمريض، جاز له أن يأكل ما شاء، ولم يختص ذلك بقَدْر الضرورة، فكذلك مَن أبيح له لحاجته إلى الجماع، وقياسه عليه أولى من قياسه على المضطرِّ إلى الميتة إن سُلِّم الحكمُ فيه؛ فإن المانع هناك معنى في الغذاء، وهو موجود في كلّ جزء منه، والمانع هنا الصوم الواجب، وهذا قد زال بإباحة الفطر.

ثم الفطر هنا له بَدَل، وهو القضاء أو الكفّارة بخلاف الأكل هناك، وقياس المذهب يقتضي أنه يُباح له الأكل إذا أُبيح له الجماع، كما أنه يباح [ق ٤٠] الجماع لمن يباح له الأكل، إلا أن يُخرَّج مِن مَنع المسافر من الجماع وجهٌ.

وأما تفطيرُه غيرَه، فهذا لا يجوز إلا عند الضرورة بلا ريب؛ لأنه إفساد صومٍ صحيح لغير حاجة، وذلك لا يجوز.

فإن أراد وطءَ زوجته أو أمَتِه الصائمة، لم يحلّ له ولا لها تمكينه.

قال ابن عقيل: لأن الوطء لا يُستباح بالضرورة، وإنما يُباح إخراج الماء، ولا ضرورة إلى ما وراءه؛ لأن الضرورة تندفع بما دون الفرج والاستمناء باليد، فلا يجوز التعدّي إلى ما يضرّ بالغير.

وقال أبو محمد (١): «إذا لم تندفع الضرورةُ إلا بإفساد صوم الغير أُبيح ذلك؛ لأنه مما تدعو إليه الضرورة، فأبيح الفطر؛ كفطر الحامل والمرضع للخوف على ولديهما.


(١) في «المغني»: (٤/ ٤٠٥) وينتهي عند قوله «على وجهين».