للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا صلَّى بالتيمم لخشية البرد، فلا إعادة عليه (١) في ظاهر المذهب. وعنه: يعيد لأنه عذر نادر [١٥٩/أ] غير متصل. وعنه: يعيد في الحضر دون السفر، لأن الحضر مظنَّة دفعِ البرد بالأكنان والمياه الفاترة، فالندرة فيه محقَّقة؛ بخلاف السفر فإنه يكثر فيه البرد خصوصًا في البلاد الباردة. وحديثا عمرو وابن عباس حجة على عدم الإعادة، فإنه لم يُعِدْ، ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة ولا لأحد صلَّى خلفه، وقد أقرَّه على تعليله بخشية الضرر، وهي علّة تجمع المقيم والمسافر؛ ولأنه فعَل العبادة بحسب قدرته، فلم يلزمه الإعادة، كالمريض والمسافر.

والفرق بين العذر النادر والغالب فيما رجع إلى الإخلال بصفات العبادة لا دليل عليه، وإنما فرِّق بين الصوم والصلاة في الحيض، لأن الحائض تركت الصوم بالكلية. وهؤلاء قد فعلوا المفروض في الوقت، فإذا وجب قضاؤه لزمهم فعلُ العبادة مرَّتين، ولا أصل لذلك يقاس عليه. ثم إن الحائض يجب عليها صوم واحد في وقت القضاء، وهؤلاء يجب عليهم القضاء مع الفريضة في الوقت الثاني، فهم بقضاء الحائض للصلاة أشبه. ومتى أوجبنا عليه الإعادةَ، فالثانية في فرضه (٢) والأولى نافلة، ذكره القاضي (٣)، بخلاف ما لو لم تجب عليه الإعادة، كالمعادة مع إمام الحيِّ، فإن الفرض قد سقط هناك بالأولى. وإنما حُكِم بكون (٤) الأولى نافلةً عند


(١) «عليه» ساقط من المطبوع.
(٢) كذا في الأصل والمطبوع. وكأنَّ «في» مقحمة.
(٣) انظر: «الإنصاف» (٢/ ٢١٠).
(٤) في الأصل: «يكون»، فأثبت في المطبوع: «يكون حكم».