للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

أحدها: أن الذي في الحديث أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - احتجمَ وهو محرم صائم، ولم يبيّن أن هذا الإحرام كان في حجة الوداع؛ فيجوز أن يكون كان في إحرامه بعمرة الحديبيّة أو إحرامه بعمرة القضيّة، وكلاهما قبل الفتح، فيكون احتجامُه وهو صائم منسوخًا بقوله بعد ذلك: «أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ».

والذي (١) يؤيد هذا القول وجوه:

أحدها: ما روى أحمد، عن الحَجّاج، عن الحكم، عن مِقْسم، عن ابن عباس أنه قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم صائمًا محرمًا، فغُشِي عليه، فلذلك (٢) كَرِه الحجامةَ للصائم». رواه أحمد (٣).

وفي لفظ عن ابن عباس أنه قال: «احتجم رسولُ (٤) الله - صلى الله عليه وسلم - بالقاحَة وهو محرم صائم، فوَجَد لذلك ضعفًا شديدًا، فنهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحتجم الصائمُ». رواه الجوزجاني (٥).


(١). من س.
(٢). س: «فكذلك».
(٣). (٢٢٢٨). في سنده نصر بن باب وهو ضعيف، كما في «الميزان»: (٤/ ٢٥٠)، وفيه الحجاج بن أرطاة، ضعيف ومدلس. وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٣٢١٤) من طريق شعبة عن الحكم به. قال شعبة: والحكم لم يسمع من مقسم» يعني حديث الحجامة، وبه أعله النسائي.
(٤). المطبوع: «النبي».
(٥). في كتاب «المترجم» كما نقله ابن قدامة في «المغني»: (٤/ ٣٥١) وأخرجه أحمد (٢١٢٧). وابن الجعد (٣١٨) من طريق شعبة عن الحكم عن مقسم به. وتقدم الكلام على سماع الحكم من مقسم. وليس فيها قوله: «فوجد لذلك ضعفًا ... »، وأخرجه البزار (٥٢٣٦) بسندٍ فيه ضعف وفيه: «فنزف حتى خشي عليه».