للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما هو بمنزلة البهيمة. والفرق بينه وبين الصبي الصغير أن هذا له عمل وحركة بنفسه من غير عقل ولا تمييز، فأشبه البهيمةَ، وعكسه الصبي فإن غيره هو الذي يعمل به فجاز أن يُحرِم به؛ ولأن (١) الإحرام إنما يعقده وليُّه، ووليه لا يقدر أن يجنِّبه محظوراتِ الإحرام بخلاف الصبي؛ ولأن الصبي لما عدِمَ كمالَ العقلِ عدِمَ ما يحتاج إلى العقل، فعدمُه في حقّه ليس نقصًا، والمجنون سُلِب العقلَ مع وجود ما يحتاج إلى العقل.

الثاني: أن يُجنَّ بعد إحرامه، فهذا إن كان صرعًا وخَنْقًا لم يبطل إحرامه؛ لأن هذا بمنزلة الغشي والإغماء؛ لأنه يُبطل الحركة، لكن هو في هذه الحال بمنزلة المغمى عليه، فلا يصح منه أركان الحج الأربعة من الإحرام والطواف والسعي والوقوف. فأما المبيت بالمزدلفة ورمي الجمار فيصح في هذه الحال. قاله القاضي وابن عقيل.

وإن كان جنونًا محضًا (٢) لا يُبطِل الحركة، فهل يَبطُل إحرامه؟ على وجهين ذكرهما ابن عقيل (٣)، أحدهما: لا يبطل، فلو قتل بعد ذلك صيدًا ضمِنه.

مسألة (٤): (ويصحُّ من العبد والصبيِّ، ولا يُجزِئهما).

في هذا الكلام فصلان:


(١) ق: «وأن».
(٢) ق: «مختصًا».
(٣) انظر «الإنصاف» (٨/ ١٢، ١٣).
(٤) انظر «المغني» (٥/ ٧) و «الشرح الكبير» (٨/ ١٢).