للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أول النهار، وربما دخلها كثير منهم ليلًا، وبات بها، وأوقدَ النيران بها، وهذا بدعة وخلافٌ (١) للسنة. ويتركون إتيانَ نَمِرَة والنزولَ بها؛ فإنها عن يمين الذي يأتي عرفة من طريق المأزمَيْن، يمانيَّ المسجد الذي هناك كما تقدم تحديدها، ومن قصدَ عرفات من طريق ضَبٍّ كانت على طريقه. ولا يجمعون الصلاتين ببطن عُرَنة بالمسجد هناك، ولا يعجِّلون الوقوف الذي هو الركوب وشدُّ الأحمال، بل يخلطون موضعَ النزول أولَ النهار بموضع الصلاة والخطبة، بموضع الوقوف. ويتخذون الموقف سوقًا، وإنما كانت الأسواق بين الحرم والموقف ... (٢).

فإذا لم يفعل الإمام فمن أمكنه ... (٣).

فصل

والسنة أن يخطب بهم الإمام ببطن عُرَنة موضعَ المسجد قبل الوقوف، يخطب ثم يصلِّي. وهذه الخطبة سنة مجمع عليها؛ قال أحمد: خطبة يوم عرفة لم يختلف الناس فيها. وقد رواها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جابر وابن عمر ــ كما تقدم ــ وابن عباس، وجابر بن سمرة، ونُبيط بن شَرِيط، والعدّاء بن خالد، وغيرهم:

[فعن] سلمة بن نُبيط عن أبيه ــ وكان قد حجّ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ــ قال: رأيته يخطب يومَ عرفة على بعيره. رواه الخمسة إلا الترمذي (٤).


(١) في المطبوع: «خلافًا».
(٢) بياض في النسختين.
(٣) بياض في النسختين.
(٤) رواه أحمد (١٨٧٢١) وأبو داود (١٩١٦) والنسائي (٣٠٠٧، ٣٠٠٨) وابن ماجه (١٢٨٦)، من طرقٍ عن سلمة بن نُبيط به، وهو إسناد صحيح متصل، إلا أنه في رواية أبي داود من طريق عبد الله بن داود الخُرَيبي: «عن سلمة بن نُبيط، عن رجل من الحي، عن أبيه». ورواية الجمهور أصح، لا سيما وأن فيها رواية النسائي من طريق سفيان الثوري عن سلمة به، فسفيان (٩٧ - ١٦١ هـ) أكبر وأقدم من عبد الله بن داود (١٢٦ - ٢١٣ هـ) بكثير، وسلمةُ بن نبيط قال البخاري: «يقال إنه كان اختلط في آخر عمره»، فتكون رواية سفيان عنه قبل اختلاطه، ورواية عبد الله بن داود عنه بعد اختلاطه. انظر «الضعفاء» للعقيلي (٢/ ٥٥٤).