للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه وهو ينظرها، فعليه أن يستقبلها بجميع بدنه حتَّى لا يخرج شيء منه عنها. وإن خرج شيء منه عنها لم تصح صلاته. نصَّ عليه.

الثاني: أن يعلم ذلك، لكونه من أهل البلد وقد نشأ فيه، سواء كان بينه وبينها حوائل حادثة أو لم يكن، فإنه من طال مقامه بمكان من مكة علِم أين تكون القبلة منه.

الثالث: أن يخبره بذلك ثقة من أهل البلد، لكونه غريبًا، أو بينه وبينها حائل وعلى الحائل من يخبره بذلك، فإنَّ الإخبار بالأخبار كالإخبار بدخول الوقت عن علم، فإنَّ هذا الخبر لا يدخله الخطأ، وجواز الكذب من الثقة غير ملتفت إليه في مثل هذا.

قال أصحابنا: وحكمُ من كان بمدينة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حكمُ من كان بمكة، لأنَّ قبلته متيقَّنة الصحة، لأنه لا يُقَرُّ [ص ٢٠١] على الخطأ.

القسم الثاني: البعيد، فهذا فرضه الاستدلال والاجتهاد، لكن هل الواجب عليه طلب العين أو طلب الجهة؟ على روايتين:

إحداهما: أن فرضه طلبُ العين، فمتى غلب على ظنِّه أنه مستقبل العين أجزأه ذلك، وإن تبيَّن له أنه أخطأها فيما بعد ذلك، أو انحرف عنها انحرافًا يسيرًا.

وهذا اختيار أبي الخطاب (١)، لأنَّ الله سبحانه وتعالى قال: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ} [الحج: ٢٦]، وقال: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ


(١) في «الهداية» (ص ٨٠).