للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعصر، وإن كان قد يفضي إلى الإخلال بالترتيب في الباطن، لأن الترتيب يسقط بالنسيان، كما لو نسي نفس الفائتة. ويتحرَّى بما يبدأ: بما يغلب على ظنِّه أنها السابقة. فإن استويا خُيِّر، لأنَّ ذلك أقرب إلى رعاية الترتيب في إحدى الروايتين. وفي الأخرى: يبدأ بالظهر كصلاتي اليوم الواحد، إذ أكثر ما فيه سقوط الترتيب بالنسيان.

ويتخرَّج (١) أن يلزمه قضاء ثلاث صلوات ظهرًا ثم عصرًا ثم ظهرًا، أو عصرًا ثم ظهرًا ثم عصرًا، بناءً على أنَّ الترتيب لا يسقط بالنسيان ولا يتيقَّن الترتيب المستحَقّ إلا بذلك. قال بعض أصحابنا: وهذا أقيس، كما لو نسي صلاةً من يومٍ لا يعلم عينها (٢). والصواب ما تقدَّم، وقد ذكر الفرق.

فصل

ومن شكَّ في دخول الوقت فلا يصلِّي حتى يتيقَّن دخوله برؤية الشمس ونحوها من معرفة الساعات وحسابها، فإن تعذَّر اليقين لتغيُّم السماء، أو لكونه في مطمورة، أو أعمَى في برِّيَّة، عمل بالاجتهاد بأن يستدل على ذلك بأعمال من قراءة أو صناعة أو نحو ذلك. فإن اجتهد وهو قادر على اليقين لم تصحَّ صلاته، كمن صلَّى بالاجتهاد عند حضور الكعبة، أو عمِل بالقياس مع وجود النصِّ، سواء أخطأ أو أصاب.

هكذا حرَّره القاضي وابن عقيل وغيرهما من أصحابنا. وأطلق أبو الخطاب (٣) وغيره أنه يصلِّي إذا تيقَّن أو غلب على ظنِّه دخولُه. وعلى كلِّ


(١) في المطبوع: «وتخرج»، والمثبت من الأصل.
(٢) قاله المصنف في «المغني» (٢/ ٣٤٥).
(٣) في «الهداية» (ص ٧٢).