للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن علِم قدرَ الواجب عليه، وشكَّ بقدر ما فاته منه، مثلَ أن يقول: بلغتُ منذ سنة، وصلَّيت بعضَها وتركتُ الباقي= فإنه يجب عليه أن يقضي حتى يعلم أنه قضى جميعَ الفوائت، لأنه متيقِّن لوجوب الصلاة عليه، شاكٌّ في براءة ذمته منها. وكذلك من شكَّ في فعل الصلاة في الوقت أو بعد خروج الوقت.

وقد أطلق طائفة من أصحابنا فيمن لم يعلَم ما عليه في (١) أنه يقضي حتى يتيقَّن براءة ذمته، لأن أحمد قال (٢) فيمن ضيَّع الصلاة: يعيد حتى لا يشكَّ أنه قد صلَّى ما ضيَّع. وقال فيمن فرَّط في صلاة يوم الظهر ويوم العصر صلواتٍ لا يعرف عينَها= قال (٣): يعيد حتى لا يكون في قلبه شيء. وكلام أحمد إنما هو فيمن يتيقَّن الوجوب كغالب الخلق، لما قدَّمناه.

فصل

يجوز أن يقضي الفوائت بسننها الرواتب وبدونها، لأنَّها متأكِّدة. ولهذا يفعلها العبد والأجير؛ لأنها تابعة للصلاة، فأشبهت السورة في الأوليين وما زاد على المرة من التسبيح والاستغفار. ثم إن كانت كثيرة فالأولى أن يقتصر على الفرائض؛ لأن المبادرة إلى براءة الذمة أولى. ولذلك لما قضى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الأربع يوم الخندق قضاهنَّ متواليات (٤)، ولم يُنقَل أنه قضى بينهن شيئًا، إلا


(١) كذا في الأصل والمطبوع، ولعلها مقحمة.
(٢) في رواية صالح كما في «المغني» (٣/ ٣٤٦) ولم أجده في مسائله. وانظر: «مسائل ابن هانئ» (١/ ٧٣).
(٣) في رواية أبي داود. انظر: «مسائله» (ص ٧٣).
(٤) سيأتي تخريجه بعد قليل.