للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعْتَقَد من احتجَّ بهذا أنه خرج من المدينة صائمًا، وأنه وصل ذلك اليوم إلى كُراع الغَميم وإلى الكَديد، وهذا خطأ؛ فإنّ عُسفان قرية معروفة بينها وبين مكة نحو من يومين، وهي اليوم خراب (١).

ولهذا قال ابن عباس: «يا أهل مكة، لا تقصروا في أقلّ من أربعة بُرُد، من مكة إلى عُسفان» (٢).

وجبل قُدَيد (٣) قريب منها، وهذا الماء بينهما. فهذا يبيِّن أن الفطر إنما كان بعد عدَّة أيام من مَخْرجه من المدينة.

وأما كُراعُ الغَميم (٤)، فقد قيل: إن الأبنية و ... (٥).

فتبيَّن بهذا أن هذا الفطر إنما كان في صومٍ قد أنشأه في السَّفَر، فيدلّ هذا على أن المسافر إذا نوى الصومَ في السفر، ثم بدا له أن يفطر فله ذلك، وهذا


(١) وهي الآن مدينة عامرة، تبعد عن مكة المكرمة ستة وثلاثين ميلا، ينظر «معجم معالم الحجاز»: (٦/ ١٠٠) للبلادي.
(٢) أخرجه الشافعي في «الأم»: (٨/ ٤٩٣)، ومن طريقه البيهقي: (٣/ ١٣٧) موقوفًا عليه. وهو الصحيح الذي رجحه الحفاظ والمصنف كما في «الفتاوى»: (٢٤/ ٣٧، ١٢٧)، وينظر «البدر المنير»: (٤/ ٥٤٢ - ٥٤٣). وأخرجه الدارقطني: (١٤٤٧)، والبيهقي: (٣/ ١٣٧) مرفوعًا، قال المصنف: «وهو باطل بلا شك عند أئمة الحديث».
(٣) قُديد وادٍ كبير ممتدّ، من أودية الحجاز، فيه عدة قرى، ويبعد عن مكة نحو ٨٥ ميلا. ينظر «معجم معالم الحجاز»: (٧/ ٩٦ - ٩٧) للبلادي.
(٤) وهو وادٍ أيضًا بالحجاز، يبعد عن عسفان نحو ثمانية أميال. ينظر «معجم معالم الحجاز»: (٧/ ٢١٢).
(٥) بياض في النسختين.