للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روايتان:

إحداهما: لا يباح، لعموم أحاديث النهي، ولأنه تداوٍ بمحرَّم يُشتَهى، فأشبَه التداويَ بالخمر. وتُحمَل إباحةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير وعبد الرحمن على تخصيصهما بذلك، لعلمه بانتفاء مفسدة اللبس في حقهما، كما شهد لأبي بكر أنه ليس ممن يجرُّ ثوبَه خيلاء (١).

والثانية: يباح، وهي الصحيحة، لما روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رخَّص للزبير بن العوَّام وعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير من حِكَّة كانت بهما. رواه الجماعة (٢). وما ثبت في حقِّ الواحد من الأمة ثبت في حَقّ الجميع، إلا ما خُصَّ في موضعين أو ثلاثة (٣)، مع أنَّ أحدًا لم يُخَصَّ بحكم إلا لسبب اختُصَّ به. وهنا لم يختصَّا بالسبب لأنَّ الحِكَّة هي السبب، وهي تعرض لغيرهما كما عرضت لهما. ولأنَّ النساء أُرخِصَ لهنَّ في لبسه للحاجة إلى التزيُّن به، فالحاجةُ إلى التداوي أولى، بخلاف الخمر فإنها محرَّمة مطلقًا على كلِّ أحد، وفي كلِّ حال، وقد حُرِّم قليلُها وكثيرُها.

فصل

وفي لبسه في الحرب روايتان.

إحداهما: يحرُم للعمومات فيه، ولأنه يحرُم في غير الحرب فحَرُم في الحرب كالذهب.

والأخرى: يباح، وهي أقوى، لما روت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) أحمد (١٢٢٨٨)، والبخاري (٢٩١٩)، ومسلم (٢٠٧٦)، وأبو داود (٤٠٥٦)، والترمذي (١٧٢٢)، والنسائي (٥٣١٠)، وابن ماجه (٣٥٩٢).
(٣) «في موضعين أو ثلاثة» ساقط من المطبوع.