للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو أكَلَ يعتقد بقاء (١) الليل، ثم تبين أنه كان نهارًا أمسكَ بقيَّةَ يومه ولم يُجْزِه عن فرضه، فيقضيه بعد خروج الشهر، ولأن إدراك بعض وقتِ العبادة كإدراك جميعها في الإيجاب، ولهذا نقول: لو طهرت الحائض قبل طلوع الفجر بمقدار تكبيرة لزمها قضاءُ العشاءين، فإذا أدرك من اليوم بعضَه فقد أدرك بعض وقت العبادة، والأوجه أنه يجب عليه الإمساك دون القضاء لحديث عاشوراء.

ولا فرق في هؤلاء بين أن يكونوا أكلوا قبل وقت الوجوب أو لم يأكلوا؛ لأن الحيض والجنون والكفر تمنع صحةَ الصوم كما يمنعه الأكل.

فأما الصبي إذا لم يكن أكَلَ فقال القاضي (٢): يجب عليه الإمساك روايةً واحدةً؛ لأن الرخصةَ زالت، ووقتُ العبادة باقٍ يقبل الصوم الصحيح في الجملة.

فأما إن أصبح الصبيُّ صائمًا، ثم بلغ في أثناء اليوم بالسنّ أو الاحتلام، فقال أبو الخطاب (٣): هو كما لو لم ينو الصيامَ؛ لأن نية الفرض لا تسقطُ بنيَّة النّفْل، كما لو بلغ في أثناء الصلاة فإنه يجب عليه قضاؤها.

فعلى هذا يجب عليه القضاء والإمساك في أحد [القولين] (٤).

وقال القاضي (٥): يتمّ صومَه ولا قضاء عليه هنا؛ لأن ما مضى صوم صحيح فَعَلهُ قبل وجوبه، فلم يجب عليه إعادته، وما يفعله بعد البلوغ هو


(١) سقطت من المطبوع.
(٢) في «الروايتين والوجهين»: (٢/ ٢٦٣).
(٣) في «الهداية» (ص ١٥٥).
(٤) بياض في النسختين، والإكمال يدلّ عليه السياق.
(٥) في «الروايتين والوجهين»: (٢/ ٢٦٣ - ٢٦٤).