فهذه قضية فعلها خلقٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهي في مظنّة الشهرة في زمنهم (١)، ولم يُنقَل أنه أنكرها أحد من أصحابه.
وأما قوله:{فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}، فنقول به، فإنه سبحانه لم يفرِّق بين خوف الفوات وخوف الإدراك، فالآية تعُمُّ. والعدو يخافه في المآل، وإن لم يخَفْه في الحال، [٢٦٣/ب] فالخوف بكلِّ حال.
وأما الآية التي فيها قوله:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[النساء: ١٠١] فتلك في الخوف الخفيف الذي يمكن معه القيام والصلاة جماعة. وسواء كانوا في ذلك الخوف طالبين أو مطلوبين.
ومتى أمِن في صلاة خوف أتمَّها صلاة أمن. فإن كان راكبًا نزل، فبنى. ويكون نزوله متوجِّهًا. ومن خاف في صلاة أمنٍ أتمَّ صلاته، وفعَل ما يحتاج إليه من ركوب وغيره، كما قلنا في بناء الصحيح على صلاة المريض، والمريضِ على صلاة الصحيح.
وإذا صلَّوا صلاة الخوف الشديد أو الخفيف، لسوادٍ ظنُّوه عدوًّا، فتبيَّن أنه ليس بعدو،؛ أو أن بينه وبينهم ما يمنع العبور= أعادوا، لأن سبب الخوف لم يكن موجودًا، وإنما هو أخطأ في ظنِّه. ولو تبيَّن أنه عدو، لكن يقصد غيره، أو خاف من تخلُّفِه عن الرفقة، فصلَّى صلاة الخوف، ثم تبيَّن له خلوُّ الطريق= فلا إعادة عليه، لأن سبب الخوف قد وُجِد هنا، أو يوجد بالاشتغال بالصلاة.